كتاب أخبارنا

‏تعليم نجران -ولي الأمر-المجتمع،ومسؤولية تعويض “الفقد التحصيلي” لدى أبنائنا وبناتنا في نجران

الكاتب / ابراهيم اليامي

 

“أستاذ إبراهيم : الله يصبحك بالخير ،أتمنى تزويدي برقم معلم لغة إنجليزية للصف الأول متوسط إذا كنت تعرف أحد،وياليت إذا وقتك يسمح أتواصل معك علشان أوضح لك مشكلتي”

هذه رسالة وصلتني من أحد الزملاء وبعد التواصل معه اتضحت مشكلته كالتالي:

إبنه يدرس حالياً في الصف الأول المتوسط ، وفي كل حصة يدخل عليهم معلم اللغة الإنجليزية يشرح الدروس الواردة في المقرر على إعتبار أن الطلاب أخذوا الأساسيات في المرحلة الإبتدائية طيلة فترة الحرب الماضية ، ولكن المعلم يتفاجأ بخلاف ذلك!!

والأب في رسالته كان يبحث عن “معلم خصوصي” لكي يشرح لإبنه منهج الصف الخامس والسادس الإبتدائي.

وهذا ولي أمر آخر قابلني يحكي وضع إبنه:
فقال: عندما بدأت الحرب وإبني في (نهاية الفصل الدراسي الأول – أول إبتدائي) حيث لم يُكمل المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والعمليات الحسابية ، واليوم يجلس على أحد مقاعد الصف الثالث الإبتدائي!! ولك أن تتصور مستواه التعليمي!! وكيف سيتعامل معه معلمه الحالي في الصف الثالث الإبتدائي.

وقيسوا على ذلك بقية المواد الدراسية الأخرى وخاصةً المرحلة الإبتدائية والأول متوسط.

وإذا أردنا أن نكون واقعيين ، فيجب أن ننظر إلى هذه الحالات بأنها طبيعية بحكم الظروف التي مرت بها المنطقة ومازالت تعيشها ،لأن مايعانون منه أبناءنا وبناتنا ماهو إلا نتيجة “الفقد التحصيلي” الذي حصل لهم خلال الثلاثة الفصول الدراسية الماضية ، فرغم الجهود التي قدمتها إدارة تعليم نجران من توأمة وبدائل تعليمية إلا أننا لابد أن نعترف بأن المستوى التحصيلي لدى أبنائنا وبناتنا خلال الثلاثة الفصول الماضية كان دون المأمول، وذلك لعدة أسباب أهمها:
* قلة الأيام الدراسية مع قصر الحصة الدراسية في مدارس التوأمة مع عدم الاستقرار النفسي للمعلمين والطلاب بسبب المقذوفات العسكرية العشوائية.

لن أطيل في الحديث عن المشكلة لأن كل بيت في نجران يعيشها ويدركها تماماً ، والواجب علينا جميعاً التعاون لإيجاد الحلول المناسبة لتعويض “الفقد التحصيلي” لأبنائنا وبناتنا في غالبية المواد “وفق الإمكانات المتاحة والتي قرارها بأيدينا” ، وخاصةً بعد مبادرة سمو أمير المنطقة جلوي بن مساعد بن عبدالعزيز حفظه الله في زيادة مدارس التوأمة الذي بلا شك أن ذلك خفف العبء على ولي الأمر والطالب والمعلم وقائد المدرسة.

تواصلت مع مجموعة من أولياء الأمور والتربويين والطلاب وعرضت عليهم مشكلة “الفقد التحصيلي” فلهم الشكر والتقدير نظير تجاوبهم حيث تبلورت مجموعة من الحلول فكانت على النحو التالي:

يُقترح على إدارة التعليم:
١- تشكيل فريق عمل يقوم بتصميم اختبارات لمعرفة مقدار “الفقد التحصيلي” من المعلومات والمهارات خلال الفترة الماضية، ويكون ذلك من خلال عينة عشوائية حسب منهجية البحث العلمي.

 

٢- تصميم برامج تعليمية علاجية بناءً على نتائج الاختبارات السابقة، تناسب جميع شرائح الطلاب والطالبات.

٣- قيام المشرفين التربويين أثناء زياراتهم الميدانية الفنية بمساعدة المعلمين بالتنسيق والتكامل في تقديم البرامج العلاجية التي من شأنها معالجة “الفقد التحصيلي” وخطة المقرر الحالي.

دور قائد المدرسة:
•تحفيز المعلمين وتشجيعهم معنوياً.
•إرسال رسائل نصية توعوية لأولياء الأمور توضح أهمية دور ولي الأمر التكاملي وخاصةً في مثل هذه الظروف.
•تهيئة البيئة المدرسية فيما يخدم ويتناسب مع نظام التوأمة وعدد الطلاب والمعلمين.
•تشكيل فريق عمل من المعلمين والإداريين المبادرين لإيجاد آلية تتناسب مع ظروف المدرسة تهدف إلى معرفة المهارات الغير متقنة لدى الطلاب سواءً في المقرر الحالي أو مقررات السنة الماضية.

دور المعلم:
نعود لمعلم اللغة الإنجليزية للصف الأول المتوسط ومعلم الصف الثالث الإبتدائي ، فلو أنهما قاما بتدريس المقرر على خطته الحالية دون مراعاة “الفقد التحصيلي” الذي يعاني منه الطلاب والطالبات ، فكأنهم كمن يريد بناء الأدوار العلوية لعمارته بلا “قواعد وأعمدة خرسانية” .. والفرق كان واضحاً في المباني التي تعرضت للقصف العسكري، فسيكون هناك فرقاً للعقول التي تُقصف أيضاً.

•فيجب على المعلم والمعلمة القيام بالخطوة الأولى وهي:
تلخيص المعلومات والمهارات الأساسية للمواد التي حصل فيها “الفقد التحصيلي” خلال الفترة الماضية وتعتبر متطلباً للمواد الحالية بأسلوب بسيط.”.

•تخصيص جزء من الجدول الدراسي لإكساب الطلاب والطالبات تلك المعارف والمهارات المفقودة لأنها ضرورية لتقديم المعارف والمهارات الجديدة ، وعلى معلم المرحلة الإبتدائية مراعاة ذلك فيما لا يرهق طالب الصفوف الأولية.

•على معلمي المرحلة الإبتدائية التركيز على مذكرة الواجبات المنزلية في متابعة الطلاب وماهو المطلوب من ولي الامر متابعته في مستوى إبنه.

•الابتعاد عن المتذمرين والمتشائمين في الأوساط التعليمية لأن لديهم “قدرة عجيبة” في إقناع الآخرين بالجلوس معهم على المدرجات والحديث دائماً عن الإمكانات الغير متاحة والتي يسير العمل بدونها.

دور ولي الأمر:
١- لو ركزنا على طلاب وطالبات المرحلة الإبتدائية والمتوسطة فسنجد أن الغالبية العظمى من الآباء والأمهات متعلمين وقادرين على متابعة أبنائهم لتعويض ماتم فقده خلال الفترة الماضية وبإمكانهم الاستفادة من ملخص المعارف والمهارات التي اقترحنا أن يقوم بها المعلم.

٢- من كان لديه المقدرة المادية فعليه إلحاق أبناءه بالدروس الإضافية مع ذوي الخبرة من المعلمين ، وخاصة طلاب وطالبات الصفوف الأولية.

٣- تقديم الهدايا والجوائز التشجيعية عندما تجد أبناءك وبناتك حققوا المطلوب منهم.

٤- تذكر أيها الأب / أيتها الأم أن الوقت يمر بسرعة الوقت وأن “ماحك جلدك مثل ظفرك” وتذكر أن هناك في مجتمعنا من تقدم له الحلول فيخلق لك العقبات فتجنبهم لأنك ستجد نفسك بعد فترة وأنت في نفس المكان ، وأيضاً يوجد في مجتمعنا من يخلق مئات الحلول عندما تعرض له المشكلة فصاحبهم وبادر بما يقترحونه لأنهم من العوامل التي تحركك من نقطة السكون.

دور الحي أو القبيلة:
ماذا لو اتفق مجموعة من أفراد الحي أو القبيلة على هامش مناسباتهم الاجتماعية في تخصيص وقت محدد والاستعانة بذوي الخبرة لتعويض”الفقد التحصيلي” لأبنائهم وبناتهم؟ وبهذا الأسلوب سيخفف العبء على أولياء الأمور الذين لا تسمح حالتهم المادية بالحاق أبنائهم بدروس إضافية خاصة، إضافة إلى أن ذلك سيساعد المعلم في القيام بدوره في المدرسة.

دور القطاع الخاص ورجال الأعمال:
تقوم معاهد التدريب والمدارس الخاصة بالاستفادة من البرامج العلاجية التي صممتها إدارة التعليم وتقديمها بما يتناسب مع خطة مدارس التوأمة بمبالغ رمزية أو يتبناها مجموعة من رجال الأعمال كمساهمة مجتمعية منهم لخدمة الفرد والمجتمع.

 

هذه مجموعة من الحلول المقترحة وأرجو أن تكون بذرة نماء للعديد من الحلول التي تضمن تقديم التعليم الأنسب لأبنائنا وبناتنا في ظل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة ونسأل الله أن يحمي بلادنا الغالية من كل شر ومكروه، وأثق بأن سعادة مدير عام التعليم بنجران سيكون مبادراً لدعم مثل هذه الحلول التي سيعود أثرها نفعاً على أبنائنا وبناتنا.

إبراهيم اليامي

 @Almushref99 

Tel:050456 8611

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى