كتاب أخبارنا
أخر الأخبار

الشيخ محمد أبو ساق… الي مايساير خبرته ما يرد علومها..!

عنوان المقال مثل نجراني عتيق يعني أن الرجل الذي لايسمع ولا يستشير (جماعته)ولا يتلمس احتياجاتهم ولا يعرف همومهم لن يجد منهم إلا الرفض وعدم القبول مهما فعل.

قيل أن هذا المثل جاء على لسان زعيم يام الكبير الشيخ والعقيد/إبراهيم الأسلومي في معرض رده على أحد مشايخ إحدى القبائل في نقاش قيل أنه دار بينهما ذات زمن حول سؤال مهم جدًا وهو:”كيف تجعل قبيلتك أو ربعك يسمعون لك ويطيعوا”؟!!

هذا السؤال على قدرٍ كبير من الأهمية في أي مجتمع بشري وبالأخص مجتمع القبيلة وهذا ما يسمى في هذا العصر بعلم الإدارة، أو كيف تكون مديرًا ناجحًا.

السؤال الذي سأله كل منهما للآخر كان حول الكيفية المناسبة التي يتعامل بها كل منهما مع أفراد قبيلته وأهله وجماعته في ذلك العصر الصعب الشحيح والقاسي حيث كان رد شيخ تلك القبيلة على هذا السؤال كما نقلت الروايات الشفهية هو أنه كان”يأمر أفراد قبيلته ويطيعون دون نقاش وفي أحيانٍ كثيرة رغمًا عنهم “دون مراعاة لظروفهم ولا أحوالهم!!

كان هذا الجواب من قبل شيخ القبيلة ذاك مثار استهجان وتعجب لدى الشيخ والعقيد/ابراهيم الأسلومي الذي رد مخاطبًا ذلك الشيخ :”عندما تأمر أفراد قبيلتك ويطيعون دون نقاش فهذا يعني أنك(حصان بين رمك )إذا اصهلت انقادت لك،أما أنا فطريقة تعاملي مع ربعي وجماعتي (حصان بين أحصنه )إذا أصهلت أصهلت هي أيضاً”!!

وبغض النظر عن أن هذه الرواية تعود فعلًا كما قيل للشيخ/ابراهيم الأسلومي أم لآخرين غيره إلا أن العبرة منها أنها تؤكد على أمر وهو أن رجال يام-أعزهم الله-كما هي عادة اسلافهم عبر التاريخ لا ينقادون ولا يسلمون أمرهم إلا بالمعروف وكلمة الحق الصادقة العفوية والكلام اللين الكريم النابع من القلب وكما يحبوا دائماً أن يرددوا:”قصيرة نفاعه”.

لقد تذكرت تلك القصة وعبارة (حصان بين أحصنة) وأنا أشاهد ذلك المقطع الذي تم تداوله للشيخ محمد بن علي أبو ساق بمناسبة صلح قبلي.

إن من أكثر المواقف التي اتأثر لها وبها وأراها تستحق الإشاده والذكر هي تلك العفوية الصادقة الشجاعة التي تنبع من قلب الرجل وعقله وكل كيانه ويؤمن بها حق الإيمان فعلًا وقولًا وطبعًا لاتطبعاً وليس من أجل المباهاة والرياء والنفاق ونفخ الذات!!

وفي رأيي الشخصي أن حل تلك المعضلة القبلية وصل إلى الخاتمة المحمودة والمأمولة ليس لأن الشيخ /محمد بن علي أبوساق يتبوأ منصبًا قبليًا وموقعًا اجتماعيًا ومساهمات في اصلاح ذات البين فقط وإنما في رأيي أن السبب الأكثر أهمية هو أن تصرفه بتلك الطريقة كان تصرفاً عفوياً وصادقًا ومحبًا ومشفقاً وحريصًا جسدته دموعه الحرى العزيزة التي ذرفها بحرقه في موقفٍ صعب كان على وشك أن يفلت من يده وربما وصل فيه إلى حد اليأس بالرغم من أنه وآخرين من مشايخ ووجهاء وأعيان كانوا يبحثون عن حل يحقن دماء الأخوة ويهديء النفوس المشحونة ويطفئ نار الغضب المتقد في الصدور!!

في كل يوم-ولله الحمد والفضل والمنه-نزداد رفعة وفخرًا وانفةً أمام مواقف قبيلة يام -أعزها الله-أفرادًا وجماعات، ولا غرو فهم كما قال شاعرهم القديم جدًا مدرك اليامي”
أصل همدان الوثيق وفرعها
قديماً و أعلى هضبهـا و أطاولـه”.

لايملك كل رجل حر شريف إلا أن يقف إعجابًا واحترامًا وتقديرًا لموقف الشيخ محمد بن علي أبوساق الذي لم يجد أمام موقف قبلي شائك معقد إلا أن يبذل أعز مايملك الإنسان الكريم الصادق وهو وجهه وجاهه فهما سلاحه الأخير الذي رمى به أمام قبيلة ال العرجاء العزيزة التي بدورها التقطت الإشارة وفهمت بذكاء متطلبات ومسؤولية اللحظة من خلال رجالها الشجعان الشرفاء الذين أجابوا ب”أبشر بسعدك”!

في ذلكم المشهد المؤثر كأني أرى وأشاهد سيمفونية تعزف من الألم والعواطف المتدفقة الجياشة…في تلك اللحظة حدث تناغم عفوي عاطفي بين الطرفين أدى إلى ايجاد الحل الذي يبحث عنه الجميع ورضي به الجميع.

أذكر أنني فيما مضى أبديت بعض الملاحظات الصحيحة في وقتها على موقف ما بدر من الشيخ محمد بن علي أبوساق قبل أن يتسلم منصبه الجديد بفترة طويلة ولكن حاليًا وعندما نتتبع مواقفه وتحركاته واسهاماته الحالية في مجتمعه القبلي منذ أن تولى منصبه والى الآن نجد أننا أمام رجل طور من ذاته كثيرًا وقفز بنفسه مراحل وخطوات كبيرة للأمام وهذا يعني أنه اجتهد للأفضل بشتى الطرق دون كلل كما أنه يبدو من النوع الذي يستشير ويسأل ويتعلم ويسمع للكبار والصغار بشكل يومي وصدق الإمام علي عليه السلام عندما قال:”من استبد برأيه هلك ومن شاور الرجال شاركها عقولها”.

إن الإنسان المسؤول والمهتم بالشأن العام والقبلي على وجه الخصوص الذي يخاف الله أولاً ثم ضميره الحي اليقظ لايجب أن يعتقد أن الأمر نزهة أو ترفيه أو منزل جميل فخم أو سيارة فارهة أو جيب مليء بالدراهم بل لابد أن يتحلى بصبر أيوب ويتحمل الأذى ويسمع للجميع ومنهم ويتلمس احتياجاتهم ويطلب نصحهم وآراءهم ويتواضع لهم وهذا الأمر لايعيبه ولا يكون مؤشرًا سلبيًا ضده بل يدل على فطنة وذكاء وحكمة.

علينا جميعًا في مختلف مواقعنا في مجتمعنا النجراني وفي مجتمع المملكة بشكل عام أن نستفيد من بعضنا البعض ومن تجاربنا ونتشارك ونتعلم من بعضنا ونشيد ونفخر بالمواقف الطيبه والمثل والقيم النبيلة ونشيعها بين الناس ونحض على السلم والهدوء والسكينه وكلام الحق والعدل وننبذ المشاحنات والعصبيات والنعرات والتطرف بكل اشكاله وصوره لأن هذا هو الطريق الصحيح لبناء الدول الحديثة والانسان في وقتنا الحاضر.

في الختام فإن قبيلة يام كما قبائل المملكة الأخرى وعوائلها ولادة بمثل هذه القيم والمشاهد المبهجة في اصلاح ذات البين وحل المشاكل والقضايا بكل حكمة واقتدار التي تجعلنا نقول أن الدنيا بخير ولم ينقطع الوفاء ولا الشيم بين الناس ولله الحمد وكأني بشاعر همدان عمرو بن براقة الهمداني يصف قبيلة يام ورجالها العظام في كل عصر ومصر عندما قال:”
متى تجمع القلب الذكي وصارماً
وأنفاً حمياً تجتنبك المظالم”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى