كتاب أخبارنا

الـهـياط في زمن كورونا…!!

 

كثيرون هم الذين عبروا عن تجاربهم في أوقات الحظر وأزمة كورونا،وذكروا الكثير من الفوائد والإيجابيات والمبادرات والابتكارات التي وجدوها أو عادت عليهم بالفائدة أو وفرها لهم وقت الفراغ الذي أتى بحكم الأمر الواقع.

لكن الفئة-في رأيي-التي وجدت نفسها في “حيص بيص” الأزمة وشعرت بالخسارة والمأزق وانسداد الفرص أمامها التي كانت متاحة لها بكثرة فيما مضى،ليلاً ونهاراً،هي فئة(المهايطين)!!

كل المناسبات الإجتماعية والوطنية ومناسبات(الفهاني)بكل اشكالها وصورها توقفت أو أوقفت في زمن كورونا والحظر وبالتالي لم يعد هناك مجال للمهايط أن يمارس طقوسه الفنية المعتادة،فأصبح(يلعب من ورا الصف)حالياً على استحياء،إما عبر تغريدة شاردة أو عبر(حالة واتس آب)يتيمة أو عبر قصيدة(هياط)ركيكة المعنى والمبنى!!

المهايط بطبعة يمكن اعتباره-مجازاً-من ذوات الدم البارد،بمعنى أنه يجنح ل(الثوعال)في أوقات الأزمات و”يغط رأسه”حتى لايتحمل مسؤوليته،لأنه يقتات على الشكليات والأضواء والبطولات الوهمية والظواهر الصوتية والفلاشات الإعلامية،ولكن عندما يحين الجِد وتدلهم الخطوب تجده يتحول لأرنب مذعورة لا تعرف أي اتجاه تسلك!!

المهايط يمكن تعريفه بأنه:”فراشة ضعيفة لاتملك من أمرها شيء،تحلق بسرعة عالية جداً في مدار الضوء ثم ما أن تنقطع عنها الإضاءة تسقط فجأة مغشياً عليها”!!

وفي رأيي أن هناك منبعين مهمين لو تم تجفيفهما وإقفالهما أو سحبهما من ايدي المهايطين لاصيبوا في مقتل وشُلت حركتهم وانتهت مناوراتهم وتكتيكاتهم وحيَلهم التي يستخدمونها ورجعوا لاحجامهم الطبيعية الإنسانية البشرية البسيطه.

المنبع الأول الذي يعتمد عليه (المهايط) هو اسم القبيلة الكبير جداً جداً،المثقل بتاريخ متراكم من الأمجاد والفخر والعزة والسمعة الحسنة والذي لم يسهم فيه (المهايط) بمثقال ذرة،ولم يكن جزءً من صنعه ولا بنائه ولامعاناته ولا دمائه ولا آلامه ولا أثمانه الباهظة التي دُفعت عبر المراحل التاريخية المختلفة من عظماء آخرين ذهبوا لدار الحق دون ان يخطر على بالهم استعراض انجازاتهم أو أفعالهم او حتى دون أن يكون لديهم الوقت والترف لفعل لذلك.

المنبع الثاني الذي يجب تجفيفه هو تحجيم أولئك الذين يطلقون على انفسهم -زورًا وبهتاناً-إعلاميين وهم في حقيقة الأمر ليسوا إلا تجار شنطة صغار مساكين يملكون دكاكين بائسة عبر وسائل التواصل الإجتماعي ومن خلالها يفتحون الباب على مصراعيه لكل(مهايط)مغوار اشبه ما يكون(بشيبوب)بطل الأوهام الذي يدعي الشجاعة والبطولات وهو أجبن من دجاجة!!

قرأنا منذ الصغر أن علامات المنافق ثلاث:إذا حدث كذب،وإذا وعد أخلف،وإذا أؤتمن خان،ولكن ماذا عن الذين تجاوزت علاماتهم كل عد وفاقت كل حد؟!!

ماذا عن علامات المهايطين،اخوان المنافقين، في هذا العصر؟!!

ماذا عن المخالطين والمناصرين والمبررين لهم؟!!

ماذا عن الساكتين والمعجبين بهم؟!!

ماذا عن الذين ينتقدونهم ويرفضونهم بينما هم في واقع الأمر جزء أصيل منهم أو الحاضنة الحقيقية لهم قولا أو فعلا؟!!

في رأيي أنه من حيث الناحية الأخلاقيه والنبل والصدق مع الذات،لايجب أن ينتقد الإنسان شيئا ويكون جزءً منه في نفس الوقت،أو مساهما فيه.

من ينتقد (المهايطين) لايجب أن يكون من ضمنهم او مجاملا لهم أو مبررا تصرفاتهم لأنهم في رأيي اخطر على مجتمعاتنا من )المنافقين) الذين كانوا في عصر الرسول عليه الصلاة والسلام والأخطر منهم جميعا هم الساكتون عن تعريتهم وكشفهم بكل الوسائل.

ومن خلال معادلة بسيطه يمكننا أن نتعرف على هؤلاء “المهايطين” وعلاماتهم وطرقهم الملتوية،وليس اسهل على العاقل الفطن،الذي لم يتلوث بعد بداء الهياط،من اكتشافهم بأنواعهم ومعرفة العلامات التي يتميزون بها عن غيرهم.

يمكن اكتشاف ذلك ببساطة من خلال عدة علامات،لايمكن أن تخطئها عين اللبيب منها على سبيل المثال لا الحصر:-

١- كثرة المديح الممجوج،الذي يمارسه هؤلاء (المهايطين) بمناسبة ومن غير مناسبة لأنفسهم ولغيرهم وبخاصة لبعض المسؤولين الذين نعرف أن بعضهم فاسد مفسد.

٢- من علامات هؤلاء(المهايطين)أنهم لا ينتقدون مظاهر الفساد الموجودة في المجتمع،لا الفساد المالي ولا الإداري ولا الرشوة ولا الكذب،ولا التعدي على البيئة،لأن ذلك يتناقض مع مصالحهم الخاصة أو مع مصالح الفاسدين الذين تربطهم بهم علاقة مصلحة خاصة دنيوية.

٣- من علاماتهم أيضا استغلالهم للمناسبات بمختلف أنواعها فتجد لهم في كل”عرس قرص”..يقدمون أنفسهم للآخرين بصورة مغلوطة على عكس الحقيقة التي هم عليها،ويقومون بتكرار الكلام المعلب السمج غير المسؤول الذي يتخلله الإفراط في المديح المقزز والحلف المتكرر باسم الله كذبا حتى تتم التغطية على هياطهم بينما الأذكياء والعقلاء يعرفون حقيقتهم.

٤- من علاماتهم مثلا،أنهم يتبادلون الأدوار،والأساليب مع نظرائهم في الهياط من خارج محيطهم الاجتماعي،من خارج منطقتهم،أو قبيلتهم،أو نطاقهم الجغرافي،يتفقون على المديح العلني المتبادل،ويتفق كل منهم مع الآخر على تقديم معلومات مضلله،وأمجاد زائفه تعتمد على اقحام الإسم العام للقبيلة أو المنطقة والإختباء خلفة لمدارة اللعبة!!

٥- من علاماتهم ايضا،أنهم في حالات الضرورة القصوى،يقومون باستخدام مهايطين بالإيجار،ليس لهم بهم سابق معرفة،نثرا وشعرا،حتى يؤدوا الهدف المطلوب ثم يمضي كل في حال سبيله بعد أن يأخذوا(المقسوم)!!

٦- من علاماتهم ايضا استغلالهم الوقح واللا انساني للموتى من أجدادهم وأهلهم وتراثهم وتاريخهم بينما هم في الواقع ابعد مايكون عن امجاد وعادات وتقاليد أهلهم التي قامت على الصدق والتواضع والإيثار والتضحية والنبل والجهر بكلمة الحق لهم وعليهم.

٧- من علامات هؤلاء المهايطين ايضا الضعف الواضح في شخصياتهم وقلة ثقتهم بأنفسهم ولأنهم كذلك تجدهم يحاولون تغطية كل هذا بتكرار الكلام السمج المكرور الخالي من المعنى الذي لايحمل عمقاً ولا فكرة ولافائدة تذكر لمجتمعاتهم.

٨- من علاماتهم ايضا أنهم لايستطيعون المواجهة والتصدي للأفكار التي تحمل هموم الناس ومشاكلهم وهواجسهم لأنهم يعلمون أن هذا طريق وعر وغير مربح وما علموا أنه طريق عز وفخر وكرامة.

٩- من علاماتهم ايضا التعلق كثيرا جدا بالشكليات والمظاهر الخادعة كنوعية اللبس(البشوت)والسيارات الخ وهذا دليل ضعفهم لأنهم ركزوا على المظهر ونسوا الجوهر وهو العقل الذي به نميز الغث من السمين والحق من الباطل.

١٠- من علاماتهم ايضا أنهم من محبي النميمة والكلام في ظهور الناس وانتقاد كل صاحب رأي حر شريف لم يتلوث مثلهم بما أوقعوا أنفسهم فيه!!

والعشرات من العلامات التي كما لاحظنا تجاوزت بكثير(ثلاث)المنافقين المعروفة!

وكأني بالشاعر يصف بهذه الأبيات كل مهايط عندما قال:”
لاخير في ود امرئٍ متملق
حلو اللسان،وقلبه يتلهب
يلقاك يحلف أنه بك واثقٌ
وإذا توارى عنك فهو العقرب
يعطيك من طرف اللسان حلاوةً
ويروغ منك كما يروغ الثعلب”.

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ملاحظه وتشخيص في النصع أخي منصّر !

    نعم بالفعل كورونا هو علاج مرض الهياط 🙂 لربما يختفي الهياط مع نهاية هذه الجائحه 🙂

    للأسف أنتشر هذا المرض في المجتمع حتى أصبح كل من هبّ ودبّ يهايط بما فيه وبما ليس فيه.
    والدليل حسابات وسائل التواصل الإجتماعي المتكدسه بالمحتوى المهايطي و ريحتها اللتي تجذب متابعين أكثر وأكثر.
    أتمنى لو يرجع المجتمع إلى أسلوب الشيبان الله يرحمهم في الإستهجان ونهر كل من يتكلم بقول أو يفعل شيء فيه هياط أو تكلف أو غيره. لكن للأسف أصبح الناس معهم معهم عليهم عليهم !

    أستمر رعاك الله ونفع بك.

زر الذهاب إلى الأعلى