كتاب أخبارنا

لحمة لا يعزم عليها إلا من عنده لحمة ..!

 

في إحدى مشاهد مسرحية “الواد سيد الشغال” للزعيم عادل إمام، وبعد أن رأى ثلاجة “معزبه” مليئة ب “اللحمة”، سأل “خاله” والذي يرافقه في خدمة هؤلاء العائلة الثرية، بقوله “حيعملوا إيه ياخال باللحمة دي كلها، بيعزموا ناس غلابا ماعندهمش لحمة”، فقاطعه خاله قائلا: “غلابة مين، دول بيعزموا ناس فوق” فقال الزعيم جملته الشهيرة: “يعني ناس عندهم لحمة، بيعزموا ناس عندهم لحمة، عشان يكلوا لحمة”.

ما يطابق هذا المشهد المسرحي على أرض الواقع، ماقاله أحدهم في تغريدته: (طلبت سلفة 5 الاف ريال من ابن عمي “التاجر” لأعالج زوجتي والتي تكون ابنة عم هذا “التاجر” والتي لا أب لها ولا أم ولا أخ وتعاني من مرض عضال، واعتذر مني لعدم توفرها لديه، وبعد اسبوع وأمام كاميرات تصوير الحفلات تبرع ابن عمي “التاجر” لرجل أعمال بمبلغ 50 ألف ريال، وابشركم بأني وجدت ال 5 آلاف هذه عند “عجوز” وقالت “معونتك” ألفي ريال)، أي لا يرجع لها من السلفة هذه إلا مبلغ 3 آلاف ريال.

للأسف أن هذا ما بدأ يظهر على ساحة الأعمال الخيرية والتي سميت “خيرية” لأن صاحبها لاينتظر منها سوى رضا الله “وليس خلقه”، فتجد من “تطاول في البنيان”، وتفاخر بالملبس والمظهر، تجد أن جاره لاينام الليل من السهر منشغلا ب “كيفية توفير الحليب لطفله الرضيع”، وتجد أن هذا الجار “الفقير”، لن تقضى حاجته إن “نصا” صاحب البنيان هذا إلا إن وافق هذا الفقير على أن يستلم “مايسد حاجته” أمام عدسات كاميرا هذا “المتفشخر” ليزيد من كمية “فشخراته” السابقة أمام عدسات الكاميرا فقط.

ولأن الفقير عرف أن هذا هو الحل الوحيد لإستجداء عطف “أصحاب اللحمة”، فقد انتشر في الآونة الأخيرة مايعرف بالدعم الاعلامي لحملات “تبرعات سداد المديونين”، فلابد من (كيف وكم وأين ومتي وحيث أن) هذا الرجل تبرع وأعطى وكم هو سخي يد وكريم كف وندي “حساب مصرفي” وكيف أن جده كان يغزو البيزنطيين والتتار، وكيف أن جد جدته يقتل الذئب ب “نباطه” و…. و…. من الهرطقات التي ترافق هكذا حملات وغيرها.

الجميع يعرف أن هذا وماقيل مشابها له، ليس سخرية من عادات القبائل العربية التي عرف عنها على مر التاريخ “نجدة الملهوف، وإغاثة المستغيث، ونصرة المظلوم” ولكن كل كذلك لم يكن يزيد أو ينقص على حسب كمية الدعم الاعلامي لهذه العادات.

ما أقصده أن الأعمال الخيرية ليس شرطا لفعلها هو “كم سأجني من خلفها من مديح وبهرجة إعلامية قد تصل إلى حد التسويقية أو كم سأجد من علاقات إجتماعية أو “مصلحجية” مع رجل الأعمال هذا أو صاحب المنصب ذاك، وليس شرطا أن تكون (لحمة لايعزم عليها إلا من عنده لحمة).

نظرة للسماء: إن لم يكن فعل الخير خالصا لوجه من رزقك هذا الخير بلا حول منك ولاقوة، فأطلق عليه ماشئت غير “فعل الخير”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى