أدب وثقافة

قراءة في كتاب: “نقوش عربية قديمة وإسلامية من منطقة نجران.. المملكة العربية السعودية”

أنجز الباحثان الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الذييب والدكتور محمد بن علي الحاج، كتابًا بعنوان “نقوش عربية قديمة وإسلامية من منطقة نجران – المملكة العربية السعودية”.
ويقع هذا العمل الصادر عن “دار جامعة الملك سعود للنشر” في 173 صفحة، تحتوي على مقدمة عن مضامين النقوش المسندية، وثلاثة فصول عن: نقوش المسند الجنوبي، والنقوش الثمودية، والإسلامية، وملاحق عن أسماء أعلام النقوش المسندية، وأسماء الأسر، وأسماء الممالك، والألفاظ، والمفردات، وأعلام النقوش الإسلامية.
وجاء في مستهل الكتاب أن “منطقة نجران”، محور الدراسة تقع في جنوب غرب المملكة العربية السعودية على الأطراف الشرقية لمنطقة الدرع العربي، في منطقة انتقالية بين جبال السروات في الغرب ورمال الربع الخالي في الشرق، ويحدها شرقاً صحراء الربع الخالي، وغرباً منطقة عسير وجبال السروات، ومن الشمال منطقة الرياض، ومن الجنوب الجمهورية اليمنية.
وبين الباحثان أن نقوش المجموعة المستهدفة بالدراسة تبلغ 99 نقشًا، منها 61 نقشًا مسنديًا، و 38 نقشًا ثموديًا، وتتمتع جميعها بعدد من المضامين والمعطيات التاريخية والحضارية عن “منطقة نجران” وساكنيها في عصر الممالك العربية القديمة، وتعود أهميتها إلى أن أغلبها لم ينشر من قبل، إضافة إلى أنها إحدى المصادر الأساسية لدراسة تاريخ “نجران” في عصور ما قبل الإسلام وبعده خلال القرون الثلاثة الأولى من الهجرة.
ويعود أقدم هذه النقوش إلى القرن الثالث قبل الميلاد؛ وفقاً لأسلوب كتابة حروف تلك النقوش المتميزة بصرامة تدوينها، والمحتوية على شخصية اجتماعية مهمة جاء ذكرها في النقشين (نق 1، 2) من هذه المجموعة هي ( أب يثع) “حاكم نجران” خلال تلك الفترة، بينما يعود أحدث تلك النقوش إلى القرنين الخامس والسادس الميلاديين؛ وفقًا لما يظهره نمط أشكال الحروف المتميزة بالزخرفة والتنميق التي تعد من خصائص تلك المرحلة، ولما يحتويه بعضها من ذكر لأسر “سبئية”، شاركت في مد نفوذها على “نجران”، خلال العصور الميلادية المتأخرة كما في أسرة “بني جدن”.
وجميع نقوش هذه المجموعة صخرية دونت على مختلف الصخور الجرانيتية والرملية التي تزخر بها “منطقة نجران”، وقد تفاوتت أحجامها وعدد سطورها بحسب الموضوعات والأفكار التي أراد التعبير عنها أصحاب تلك النقوش، فمنها ما جاء في سطر واحد وهو الغالب والأعم؛ بوصفها أسماء أعلام، ومنها ما جاء في سطرين، ومنها التي في ثلاثة وأربعة وخمسة أسطر.
وقد انقسمت طريقة كتابة النقوش التي احتواها الكتاب من حيث الخط إلى قسمين، قسم بخط مسندي واضح جميل كعادة النقوش الصخرية في جنوب الجزيرة العربية، وقسم كتب بخط لم تراع فيه الدقة واستقامة الحروف.
وتزخر نقوش هذه المجموعة بعدد من أسماء الأعلام المفردة والمركبة بلغ عددها 129 اسمًا، منها 85 اسمًا كتب بخط المسند الجنوبي، وعدد 44 اسمًا بالقلم الثمودي، منها 21 اسمًا يرد لأول مرة في النقوش المسندية الجنوبية، و 8 أسماء ترد لأول مرة في النقوش الثمودية، و 15 اسمًا يرد لأول مرة في الكتابات العربية القديمة، وجميعها يخص أعلام ذكور عدا الاسم ح “ب ب ت” “نق 12” في النقوش الثمودية يخص امرأة.
واحتوت نقوش الدراسة أيضًا على أسماء 7 أسر هي: “ي ج ر”، “م خ ت ن ن”، “أ ث ر ن”، “ب د ي ت”، “ذ ش ر ح”، “ع و ض ت،” “م ب ن”، منها أسرتان : “م خ ت ن ن”، “ذ ش ر ح” تردان لأول مرة في الكتابات المسندية فضلًا عن ذكرها لاسم مملكتين من ممالك جنوب الجزيرة: قتبان وسبأ.
وبينت الدراسة لأسماء الأعلام المفردة أنها انقسمت من حيث تركيبها اللغوي إلى أوزان عدة، أغلبها جاء على صيغة “فعل”، أما مضامينها فقد أمكن بعد دراستها لغويًا واشتقاقيًا التعرف على دلالاتها التي عقدت عليها، التي من خلالها أمكن التعرف على الهوية الثقافية والفكرية والحضارية لسكان “نجران” قديمًا.
يذكر أن الباحثين قاما بدراسة النقوش التي احتواها الكتاب وفق منهج موحد، تمثل في وصف النقوش، ونقل حروفها، وإيراد صورها، ومن ثم نقل معناها مع الشرح والتحليل، ومقارنة محتواها من الأسماء والألفاظ مع النقوش المنشورة مسبقًا من “نجران”، ومع النقوش السامية الأخرى وتحديدًا النقوش العربية الجنوبية والشمالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى