الحروف العربية جمال ورمزية دلالية في الفن التشكيلي المعاصر

الحروف العربية هي جزء مهم من التراث الحي للأمة العربية، انتشرت بانتشار الإسلام وبرزت أصالته بقابليته للتطور والإبداع، فكل جيل يحمل ما ابتدعه الأسلاف من فنون ليضيف ويجمّل وينتج مخرجات حروفية فنية بمواد وتقنيات وأساليب عصرية. ولم يقتصر هذا الفن على الخطاطين والآيات القرآنية والزخارف الاسلامية التقليدية بل طالته يد الفنانين التشكيليين وتم دمج الفن التشكيلي بالحروف العربية ليخرجوا بالفن الحروفي ويبدعوا في تطعيم لوحاتهم وتكويناتهم الفنية بالحروف العربية، وبرز في هذا العمل مدى تمكّن الأستاذ ناجي حيثُ استلهم الحرف واعتمده أسلوبا هو مزيج بين الخط والرسم واللون، وظف الحرف كعنصر تشكيلي إذ ركز على إبراز جمالياته وحرصه الدائم على ضبط قواعده وأصوله في تنفيذ حروفياته كقيمة رمزية وتعبيرية ..

ـ بداية أرحب بالخطاط ناجي معيوف ويسرني أن أجري معك هذا اللقاء . و سؤالي الأول أريد أن يتعرف الآخرون عليك .فمن هو الخطاط الحروفي ناجي؟

ناجي إنسان بسيط في عينيه حلم و في قلبه أمل .

-متى أحسست بأنك تميل إلى الخط ؟ و كيف ؟

منذ أول عام دراسي . كان كل أمر لا أحسنه يوقفني فأحاول أن أخلق نوعاً من الألفة و التفاعل معه . و لأن الخط أحد مداخل العلم حاولت أن أقلد الكتاب المدرسي و وجدت الشغف يحدوني لرسم كل حرف ” بدأت بحرف الراء . الذي علمت أخيرا أنه حرف التكرار في علم أصوات اللغة ” و قد كررت رسمه آلاف المرات .

-بما تأثر الخطاط الحروفي ناجي في بداياته وماهي أول لوحة لك ؟

تأثرت بالكتاب المدرسي بخط النسخ الذي نسخت به المناهج . و بعد خمس سنوات وقعت كراسة لتعليم الخط العربي للخطاط هاشم البغدادي و كانت أول لوحة خططتها في الخامس الابتدائي .

-متى تحب أن ترسم حروفيا أو تخط فنيا ؟ وهل هناك وقت محدد للرسم ؟ لماذا؟

كنت مهتما فيما مضى . لكن لمشاغلي الآنية أمارس هذه الهواية من باب كسر المعتاد . فالاهتمامات متعددة و الهوايات كثر . أما الأوقات فلا تعيين لوقت بعينه.

-الخطاط ناجي خطاط حروفي و كاتب, فبأي منهم بدأت أولا ؟ وأين تجد نفسك؟

شكراً للسؤال . بدأت خطاطا ثم قارئا نهما ثم كاتبا . إذ بدأت الكتابة في الرابعة عشر من العمر و كان ما أكتبه مثال جدل لمعلم و موجه اللغة العربية . إذا أبلغاني أن ما أكتبه يفوق القدرة البلاغية و العقلية لطالب لم يغادر قريته النائية . أجد نفسي كاتبا يخط و خطابا يكتب . أرسم الخط بعمق و أخط الكتابة للأجنحة و الريح و الأفق .

-كيف هي طريقة الرسم أو الخط عندك، إذا أردت أن تخط اسما لوحة ؟

كل كلمة لها إيحاؤها علي فإضافة لمعناها اللغوي لها رمز صوتي يأخذني للتعامل معه كلون مكتوب فلفظ الجلالة مثلا ” رسمته كثيرا ” و كذلك كلمة ” نجران ” في كل مرة استلهم شكلا من إيحاء الكلمة الدلالي و الصوتي و تناسق رسمها .

-ماهي نوعية العلاقة بينك وبين مجسماتك أو لوحاتك الحروفية ؟

بقلم من يعشق الكتابة : ” الفعل ابن الفاعل ناهيك أن يكون الفعل أجمل من الفاعل ” أعمالي أبنائي الذين يستولدون قلمي حين يخط و ليست نواتج ولدوا من يدي .

-الى أي مدرسة فنية تتجه أعمالك؟

الخط الحروفي الذي استعمله لا يعتمد على نوع محدد من أنواع الخط . فلو كان كذلك لكنت خطاطا مقلدا . رغبتي بكسر القيود حملتني أن لا أعتمد نوعاً كما هي حريتي التي أمارسها في الكتابة.

-ماهو مفهوم الفن بشكل عام والخط الحروفي بشكل خاص في نظرك ؟

الفن هو الانعكاس الحقيقي لجمالك الداخلي متعدد الألوان الفن هو المرآة التي تعكس الرائي و المرئي فأنت و شيء آخر منظور تعكسها هذه المرآة و أنت الناظر . أما الخط الحروفي فهو الظل لمعنى الحرف بصورة مكتوبة ترمز لنبضه الداخلي و ديمومة حياته ظاهراً .

-يقال أن المبدع يحتاج للحرية للتعبير عن خياله ودواخله بدون قيود ماتعليقك؟

آه . كنت أنتظر هذا السؤال . الحرية كامتلاك المفتاح و القفل فأنت السجان و لا سجين غيرك . بهذه الصورة أنت الأمان و الصمام .كل حالة إبداعية أو فعل إبداعي يحتاج الحرية كما تحتاج ميكانيا الإبصار لرؤية الأشياء .

-ماقصتك مع الحروف؟ وماهي الرسائل التي تريد أن توصلها للمتلقي؟

لا أعلم بحقيقة هذه القصة أ هي تشبه الحلم بحقيقة أم أنها تشبه حقيقة الحلم . تشبه ما قال الإمام علي بن أبي طالب ” الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا ” . أما الرسائل فلا رسالة لسوى أن أصل بعيني لما أراه عميقا داخلي .

-ماهي المواد التي أستخدمتها؟ وكيفية الحصول عليها؟ ومن أين جاءتك الفكرة؟ وماذا تقول عن أعمالك هذه؟ أستخدم الورق كالمعتاد و الخشب . أحصل عليها من منافذ بيع كل مادة .

منذ أحببت الحرف مكتوباً أو مرسوماً و هو يمثل فكرة لم أصل إليها و إن وصلت بها . لا أقول عن أعمالي سوى ” أنتم أبنائي . ستعمرون أطول من عمري كثيراً و ستبقون بعد مماتي ” .

-ماهي المعارض التي شاركت فيها… كيف أستقبل الجمهور أعمالك؟ وهل لديك تجارب أخرى…ماهي؟

لم أشارك في معارض فنية بعد . بيد أن أصدقائي الأوفياء تكفلوا بمعرض خاص لي ” معرض ناجي آل معيوف الحروفي ” حيدر آل قناص . وعلان آل قناص . علي مسفر آل سليم . عبدالله هادي آل منصور . لهم مني الشكر ما حييت ..

-هدية خاصة…لمن؟ وماهي؟

لأمي بقايا منبع الحب . ” جُعلت فداء قدميها ” .

-بماذا يطمح ناجي معيوف؟ وهل لك حلم لم تحققه بعد ؟

لا أطمح كثيرا ” أن تصل أعمالي و إن لم أصل ” كثيرة هي أحلامي التي لم تتحقق ” الحمد لله رب العالمين “.

-وأخيراً كلمة لمن تقدمها…

أتمنى أن يحل على هذه الدنيا السلام و أن يتعلم الناس فلسفة الوئام … لا شيء آخر و التحية السلام .

و الشكر لكم موفور شكراً لصحيفة نجران الآن و أبتديء بشكر من يعمل بصمت و يفعل بجهر

” الأخ حمد صالح آل مسعد” و للأخت المحررة المصورة الفذة ” صدى الصورة ” و الشكر الموصول لكل القراء الأكارم . دمتم بود ..