مكافح من نجران

أبت الظروف إلا أن تقف في وجه الشاب المكافح محمد آل سويدان وتعاكسه عندما أنهى الثالث متوسط من دراسته حيث أجبرته على ترك الدراسة.
بدأ في البحث عن عمل لظروف أسرته فهو الأكبر بين أخوته ويرغب في الإعتماد على نفسه لا على الغير.
لم يستطع العمل في السلك العسكري لأن المؤهل المطلوب شهادة الثانوية, ولشح الوظائف لم يتبقى أمامه سوى خيار واحد أسماه الطريق الأصعب وهو أن يعمل عامل بأحد المصانع بالعاصمة الرياض بمرتب قليل وعمل شاق.
ولم يكمل في ذلك العمل ستة أشهر لعدم وجود سكن بالقرب من عمله ولا وسيلة نقل ولأنه بعيد عن أسرته التي هي بأمس الحاجة إليه.
قام بالبحث عن عمل آخر حتى حط به القدر بإحدى شركات التنقيب المتعاقدة مع شركة أرامكو وكان لزاماً عليه المشي على الأقدام 14 كيلوا متر يومياً بصحراء الدهناء بالمنطقة الشرقية.
كان العمل شاق جداً وكان الجو حار جداً وكان الراتب قليل جداً لا يسد إحتياجاته كرجل يحمل على عاتقه مسؤولية أسرة بكاملها, ورغم ذلك كان يرى فيه الفائدة واكتسب منه الخبرة التي غطت على الشعور بالخسارة.
وبقي ينتقل من عمل إلى آخر ومن مكان إلى آخر وكان عدم شعوره بالأمان الوظيفي سبب رئيسي في تركه ما يعمل فيه.
شاءت أقداره بعد كل ذلك أن يعمل حارس أمن بجامعة نجران بمرتب شهري 1800 ريال كان يراه الأفضل خلال تجاربه السابقة.
لم يكن قد مضى على تأسيس جامعة نجران في ذلك الوقت أكثر من سنتين, وقطع عهداً على نفسه أنه سيتخرج منها في يوم من الأيام, وكان ذلك هو الهدف الذي وضعه نصب عينيه.
إلتحق بالثانوية بنظام الليلي بعد 16 سنة من الإنقطاع عن الدراسة محاولاً اللحاق بما قد فاته من سنين العمر, وكان في النهار حارساً بالجامعة وفي الليل طالباً يدرس الثانوية.
بقي على هذا الحال حتى أنهى دراسته وحصل على الشهادة الثانوية, ورغم أن حصوله عليها قد حقق جزء مما كان يحلم به إلا أن طموحه كان أبعد من ذلك بكثير.
إلتحق بالجامعة التي يعمل بها عن طريق الإنتساب وكان التحاقه بها نقطة تحول كبيرة في حياته, وبالصبر والإصرار والكفاح حصل على شهادة البكالوريوس من جامعة نجران التي يعمل بها حارس أمن.
تخرج من الجامعة في الايام الماضية بشهادة بكالوريوس في الإدارة من كلية العلوم الإدارية وكان ضمن المحتفلين بتخرجهم وفي حضور سمو أمير نجران حفظه الله صاحب السمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد.
مستذكراً في ذلك اليوم ما كان يطلبه مديره منه كحارس أمن بتنظيم ضيوف حفل الخريجين
ومن باب الصدفة كان مديره موجوداً في ذلك اليوم وكان يساهم في التنظيم معترفاً وذاكراً أول يوم باشر فيه العمل تحت إدارته, بينما كان هو يجلس مع الضيوف الخريجين.
وفي الختام يقدم المكافح شكره الجزيل لمن ساعده وشجعه وللشخص العزيز عليه الذي أدخله في الحراسات الأمنية بالجامعة, ويشكر الظروف التي لم يختارها بل هي اختارته.
وعند سؤاله عن شعوره قال أنه وضع له طريق وحدد له هدف على رؤية واضحة وخطة استراتيجية مدروسة منذ 9 سنوات وعاشها بكل ما فيها وكان يرى قدومها بوجدانه.
الكتابة إختصرت سنوات طويلة هي رحلة كفاح مليئة بالألم والمعانة والصبر لا يحتملها الا من لديه عزيمة وطموح وإصرار للحصول على مبتغاه.
ويوجه المكافح سؤال لمن لديه الجواب والمبادرة بقوله :
“بعد أن قطعت طرق عديدة في كفاحي للحصول على الأمان الوظيفي وسد إحتياج أسرتي التي تعتمد علي هل بالإمكان الحصول على وظيفة تنسيني تعب الليالي والسنين الطويلة الماضية؟
أنا لا زلت حارس أمن بشركة’ وأتمنى الحصول على وظيفة حكومية أخدم فيها وطني وأؤمن مستقبل لأسرتي وأبنائي فعمري الآن 34 سنة النصف منها أستطيع أن أسميه تجربة.
حققت ما كان مهماً لشخصي ويبقى الأهم وهو تأمين مستقبلي بحصولي على وظيفة حكومية”.
فيستحق هذا المكافح كأقل تقدير أن تُرفع له القبّعة وتُصفق له الأيدي وأن يجد من يقدّر له ذلك ويساعده في توفير الوظيفة المناسبة له.
صادق الدعوات وأطيب الأمنيات لك أيها المكافح بالتوفيق في حياتك القادمة.
مع وزير التعليم هذا لن يستفيد من شهادته الجامعية
من جد وجد ، ومن زرع حصد ، ومن سار على الدرب وصل.
أبو علي بالتوفيق وتستاهل كل خير.
والحياة أمامك.
اولاً نبارك للأخ بمناسبة التخرج ثانياً كان الله في عونه الآن بدأ معاناة جديدة مع وزارة الخدمة المدنية قد تمتد الى فترة طويلة من الزمن
الحياة كفاح ..