مرضى السرطان في نجران بين مطرقة الخوف وسندان الإمكانيات

بسم الله الرحمن الرحيم
مرض السرطان هو ذلك المرض الذي بمجرد ذكره يولد الفزع والخوف لدى الكثيرين بل يوحي الي الموت.
إن اتساع الثورة العلمية والصناعية في العقود الخمسة الماضية وعلى الرغم ما قدمته من رفاهيه للناس إلا إنها في نفس الوقت ولدت أمراضا وأوبئة عديده ومنها الأورام السرطانية , وأود ان اشير في البداية ان نسبة انتشار الأورام في إزدياد في جميع انحاء العالم ولكنها تتفاوت حسب النوع من منطقه لآخري ومن بلد لبلد وذلك يعود لأسباب وعوامل بيئية واجتماعية ووراثية, اذ تفيد الإحصاءات الصادرة من الجمعية الأمريكية للسرطان ان ما يقارب الثمانية مليون يموتون سنويا بسبب السرطان اي ان عدد المصابين ضعف العدد او اكثر بينما تشير الإحصاءات السعودية ان ما يقارب ال 15 الف حالة جديدة يتم تشخيصها سنويا ويتوقع ان يتضاعف العدد في السنين القادمة.
يُعَرف السرطان علميا بأنه الإنقسام الغير مبرمج او الغير محدد للخلية مما يفقدها السيطرة على نفسها وبالتالي يؤدي الي زيادة عدد الخلايا الفاقدة لوظيفتها بل تتجاوز ذلك الي غزو الأعضاء والأنسجة الأخرى واعاقة عملها وتدميرها
بشكل عام يرتبط نشوء السرطان بعدة عوامل منها العوامل الفسيولوجية الجينية والعوامل البيئية , تلك العوامل تشمل الآتي:
العوامل الجينية: كل انسان تنشأ لديه يوميا الألاف من الخلايا السرطانية وهذا امر طبيعي وتكويني ولكن يتم التخلص من تلك الخلايا الخبيثة عن طريق عدة اليات تشمل جهاز المناعة الذي يدمر تلك الخلايا بشكل دوري ويخلص الجسم منها.
أيضا يوجد لدى البشر نوعين من الجينات مرتبطة بالسرطان احدهما تسمى
الجينات المسرطنة أو (Oncogenes)
تلك الجينات تجعل الخلية تفرط في النمو والأنقسام وتمنع موت تلك الخلايا ولكن في المقابل
خلق الله النوع الثاني من الجينات المضادة لها وتسمى
الجينات المانعة للتسرطن Tumor suppression genes
وتعمل تلك الجينات بمثابة نقطة التفتيش التي تبحث عن اي خلل في الجين من تلف او تحور في الخلية وتعمل على تصحيح ذلك الخلل او تحث تلك الخلية على الانتحار والموت وأيضا تساعد الجهاز المناعي على تدمير تلك الخلايا, لذا فان اي خلل خارجي كالإشعاع او الفيروسات والمواد الكيميائية قد يعيق عمل تلك الجينات المانعة للورم ويؤدي الي نشوء الورم.
العوامل البيئية: والتي تحدث خللا في الخلية بشكل تدمير او تحور تشمل:
أ. التعرض للإشعاع بشكل عام كالذي حدث في اليابان بعد القاء القنبلة النووية التي سببت انتشار سرطان الدم النقوي المزمن وأيضا التعرض المتكرر للأشعة في المستشفيات بالنسبة للعاملين فيها وأيضا تعرض الأطفال والحوامل للإشعاع قد يعرضهم لسرطان الدم ولا ننسى جهاز المايكرويف وما يحتويه من اشعاع ضار بالإنسان والغذاء , أيضا علاج الأورام بالإشعاع قد يؤدي الي نشوء ورم آخر ثانوي بخلاف الورم الرئيسي.
ب. التعرض للمواد الكيميائية يحدث أيضا تحولا جينيا وتشمل تلك المواد الكيميائية بعض انواع الأدوية , المبيدات الحشرية, الأسمدة الكيميائية, مادة البنزين, طلاء الجدران, بعض ادوات التجميل وصبغات الشعر وغيرها.
ج. يتعرض الأنسان للعديد من الفيروسات وبعض انواع البكتيريا المسرطنة ومنها:
فيروسات الكبد من نوع ب و ج والتي قد تسبب سرطان الكبد-
فيروسات تسبب السرطان الليمفاوي ومنها-
EBV/ CMV/ HTLV
– فيروس نقص المناعة المكتسبة يسبب سرطان بالجلد يسمى سرطان كابوسي واورام اخرى
Human Papiloma virus فيروس ال : –
يسبب سرطان عنق الرحم لدى النساء
بكتيريا او جرثومة المعدة المسماة –
والتي قد تسبب سرطان المعدة(H.pylori)
د. بعض انماط الحياه والعادات مسرطنه ومنها التدخين كسبب لسرطان الرئة وبعض الأنماط الغذائية قد تساهم في نشوء سرطان القولون والغده الدرقية والثدي وايضا تعاطي التمباك او ما يسمى بالشمة قد يسبب سرطان الفم واللسان.
ايضا هناك بعض الأمراض البسيطة التي يؤدي اهمالها الي حدوث السرطان ومنها مثلا الارتجاع المعدي المريئي (GERD)
الذي قد يسبب سرطان المريء المسمى
(Berrett,s esophagous)
أيضا بعض الأمراض الوراثية مثل مرض داون او الطفل المنغولي يؤدي الي حدوث سرطان الدم الحاد لدى نسبه كبيره لمن لديهم هذا المرض
واود ان أؤكد بان ليس كل من يتعرض لتلك العوامل او الظروف قد يصاب بالسرطان وذلك يخضع لعامل مهم يسمى الاستعداد الوراثي للإصابة بالمرض
Genetic Tendency
اذ قد يتعرض شخصان لنفس العوامل فيصاب احدهما بينما لا يصاب الآخر
السرطان في نجران
لوحظ إنتشار حالات السرطان في السنوات الأخيرة في كل انحاء العالم وفي كل المناطق وذلك يعود لكثرة التعرض للإشعاع والكيماويات والهواء الملوث وانماط الحياه والسرطان في نجران من وجهة نظري متوافق مع النسب العالمية والمحلية ولكن الفارق ان هناك انواع من السرطان تزيد في نجران اكثر من باقي المناطق مثل سرطان الكبد لدى الرجال والذي يعتبر السرطان الأول في منطقة نجران بين الرجال بنسبة 12% ثم يأتي سرطان الغده الدرقية لدى النساء وهو السرطان الأعلى نسبة بين النساء بمنطقة نجران بنسبة 20%, ولكن اورام اخرى مثل سرطان القولون والرئة والبروستات مثلا تزيد في مناطق اخرى وتقل في نجران وهكذا.
اعتقد ان احد اسباب انتشار سرطان الكبد في نجران يعود الي عادة الحجامة الغير خاضعه للشروط الصحية التي كانت منتشرة لدى الآباء في العقود الماضية والحلاقة الجماعية خلال موسم الحج بموس حلاقه واحد في السابق خصوصا اذا عرفنا ان فيروسات الكبد ب و ج تسبب امراض مزمنة لا تظهر الأعراض لدى المريض الا بعد سنوات طويله تمتد الي ثلاثين عام او اكثر, ايضا عدم التنوع الغذائي لدى مجتمعنا واهمال اكل الأسماك واحتمالية أن تزيد حمية قليلة اليود من اضطراب في الغده الدرقية قد يؤدي الي تسرطنها احيانا اضافه للعوامل الجينية وتلك الأمراض تحتاج الي دراسات علميه مكثفه واستقصاء لمعرفة الأسباب
دور المختصين من ابناء نجران والمجتمع النجراني للحد والتقليل من تلك الأورام والمساهمة في حصول المريض على فرصه للتشخيص المناسب والشفاء
يجب ان يعلم الجميع ان تشخيص السرطان في مراحله المبكرة يساهم وبشكل كبير في الشفاء منه بنسبه تصل الي اكثر من 90% شفاء تام واوضحت الدراسات ان ثلثي الحالات يتم تشخيصها في المراحل المتقدمة للأسف.
بعض الناس يعلم بان لديه مشكله ولا يقوم بعمل اي فحص اذ لا يملك الشجاعة ويقول (لانبحث عن المجهول) ويخاف ان يخبره الطبيب بإصابته بالمرض لذا فان نشر الوعي في المجتمع عن السرطان واعراضه واسبابه وطرق تشخيصه والوقاية منه عن طريق اقامة المحاضرات والندوات والتثقيف الصحي اما عن طريق الجهات الرسمية المعنية او يمكننا كأبناء لنجران عمل ملتقيات توعويه على غرار التجمعات الثقافية والأدبية في المنطقة والقيام بالمساهمة والتنسيق مع المختصين والمتطوعين والمشاركة لهذا التجمع التوعوي الصحي وأيضا تهيئة مختصات لعمل برامج توعويه للنساء
يوجد العديد من الوسائل السريرية والمخبرية والإشعاعية تساهم وبشكل كبير في التشخيص المبكر للسرطان وبالتالي نسبة عالية في الشفاء, لذا فان عمل تلك الفحوصات وبشكل دوري يساهم في تشخيص العديد من الأورام منها سرطان الدم والثدي وعنق الرحم والبروستات والكبد والقولون والمعدة والبنكرياس والغدة الدرقية وغيرها.
لذا اقترح ان يقوم رجال الأعمال ومحبي الخير وتجار المنطقة وحتى بيت المال بالمساهمة في انشاء مركز خيري مجاني مجهز بشكل جيد للكشف المبكر عن الأورام بعد التنسيق مع الجهات المعنية والجمعية السعودية لمكافحة السرطان اسوة ببعض المناطق في السعودية على ان يتم التركيز على الأورام الأكثر انتشارا في نجران.
يجب ان يكون هناك تعاون وارتباط بين مستشفيات المنطقة وجامعة نجران وجامعات أخرى للمشاركة في بحث اسباب انتشار بعض الأورام وللكشف المبكر عن تلك الأورام وأيضا تأسيس كراسي بحثيه مخصصه لهذا المجال.
د/ناشر بن حسين آل سدران
استشاري تشخيص أمراض وأورام الدم والامراض الوراثية
دناشر وفقكم الله لخدمة بلدكم ووطنكم الوقاية فعلا خير من العلاج والاكتشاف المبكر هو حجر الزاوية فى الشفاء السريع
شكرا على هذه المقاله الثريه ,, الله يزيدك علم وينفع بك