القطة والكلبة في لغة الإقناع ولغة الغضب

في حوار دار بيني وبين ابنة اختي ذات التسع سنوات قلت لها ممازحة انت كالهرة فردت علي من فورها وانت مثل الكلبة.
فما كان منى الا ان استشطت غضبا ووبختها على سوء سلوكها وقلة ادبها . بل وامرتها بالغروب عن وجهي فردت علي باستفسار تشوبه الحيرة “الكلبه حلوة جدا ليش زعلتي” . وبالطبع , لم يهدا غضبي بل زادني السؤال غضبا وخاصمتها وامرتها بالا تتحدث الي اطلاقا . ولكن , بيني وبين نفسي تساءلت, ماهو الفرق بين القطة والكلبة ولم غضبت الى هذه الدرجة ؟ مع انني ماكنت لاشعر كذلك لو نعتتني هي بالقطة او الهرة لحبي لهذا الحيوان ففيم غضبي من تسميتي بالكلبة؟؟
حاولت ان اجد سببا مقنعا لغضبي وكراهيتي للكلاب . وبقيت ابحث لساعات لسبب مقنع لتفضيلي القطة على الكلب الا انني لم اجد. كل ماوجدته هو الموروث الفكري والاجتماعي الذي ينص على نجاسة الكلب وان نعت الانسان به مسبة كبرى بينما القطةمخلوق جميل ومحبب والنعت به فيه نوع من الدلال والرقة او حتى الالفة. فهل القطة فعلا افضل من الكلب؟
قد يستغرب البعض هذه الفكرة, وقد يعتقد من يقرا هذه المقالة بانني مصابة بالعته او على الارجح انني مصابة بالسفه او ان طرحي نوع من انواع السخف . لكن الا مر يتعدى الفرق بين الكلاب والقطط الى نظرتنا نحن لما يحيط بنا من مفاهيم موروثه فالكلب بالنسبة لي نجس حقير لكنه بالنسبة لابنة اختي التي ترى الكلاب تلك المخلوقات الجميلة التي تصنع على اشكالها الألعاب المحشوة , وترسم على شاكلتها الرسوم المتحركة مخلوق جميل بل ويطغى في جماله على القطه وهو افضل من النمر ومن الغزال ومن الارنب.
النظرة العامة للكلاب والقطط تختلف من مجتمع الى اخر ومن ثقافة الى اخرى . وثقافتنا العربية تملي علينا النفور من الكلب اكثر من القطه ولهذا السبب نحن نمتعض ان سمينا كلابا ولا نغضب كثيرا ان نعتنا بالقطط مع انهما كلاهما حيوانين ولكل منهما مزاياه وعيوبه مع ان مزايا الكلاب اكثر. فالكلب هو الرفيق الوفي والحارس المخلص القوي بينما القطه مجرد حيوان يأكل ويتمطط ويحتاج للرعاية لا اكثر. ومع ذلك نأنف من ان ننعت بالكلب ولابأس لدينا ان نعتنا بالقطط؟؟!!
ان الموروث الثقافي لا يقتصر على المفاضلة بين القطط والكلاب بل يتعدى ذلك للمفاضلة بين المراه والرجل, الأبيض والأسود, الغني والفقير, القصير والطويل, وغيرها من المفاضلات التي نرجح فيها كفة جانب على اخر مرتكزين في ذلك لا على شيء سوى موروثنا الفكري الذي نقرا على أساسه المجتمع , ونحكم به على جميع العلاقات التي تحيط بنا بدون تفكير في أسباب التفاضل حتى. فلو توقفنا لدقيقة للتفكير قد نجد بان الكلب افضل بكثير من القطه وقد لا نرضى بان ننعت بوصفنا أي منهما الا اننا قد نغير وجهة نظرنا في أسباب رفضنا للتسمية . لو انني فكرت قليلا في وجهة نظر ابنة اختي الصغيرة ماكنت لأزجرها بتلك الطريقة التي فعلت بل لكنت اقنعتها وتحدثت معها بهدوء بأسباب رفضي. لكن زجري لها ما كان الا عجزا منى عن إيجاد إجابة لسؤلها فمتى نتوقف عن الزجر ونبدأ الحوار الفعلي العقلي وليس اللساني؟؟ومتى نتعلم البحث عن الأسباب وعلاجها وليس الجدال في النتائج .