يا طفلتي العراقية، كل نهاية سعيدة

إنتشرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعي قبل كم عام لطفلة عراقية ودموعها تشق طريقا على خدها الملفوح برمال التشرد، وشعرها (المعكرش)، يدل على (تعكرش) الأوضاع من حولها.
هذه الطفلة أخذت شهرة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكل يزج بهذه الصورة في مصالحه السياسية، فمن شردها، يقول هذا جزاء من يقف في طريقي، ومن تشردت بإتجاهه يثبت بهذه الصورة شرعية الحرب التي يخوضها على من شردها.
الطفلة لاتعرف مع من الحق، ولا طفولتها المنتهكة كذلك تعرف أو لا يهمها أن تعرف، كل ما تريده الطفلة التي تعيش داخل ذلك الجسد الغض، أن يبقى جسدها حيا، وليست لوحدها بل كل الاطفال في العالم من حولنا.
فلو أخدتنا عدسات أعيننا من العراق، إلى أرقى الدول التي تحترم الطفل والطفولة وتسخر له كافة القوانين التي تكفل له حياة ملكية فاخرة، فسنجد هناك طفلا يحمل نفس الدموع ويذرفها بنفس الحرارة، حفاظا على جسده ليبقى حيا بعد أن شرده السرطان من بيته ليعيش حربا في هذا المستشفى الفاخر.
صحيح أن الطفلة العراقية تفرق عن ذلك الطفل بأن حربها تأتي بظروف خارجية بينما هذا الطفل يخوض حربا داخليه، ولكنهم تشاركوا في نفس مشاعر الخوف من الحرب على إختلاف أنواعها.
وما يهمهم الان كيف ستنتهي هذه الحرب، وكيف ستكون النهاية، وكم هي خسائرهم في نهايتها، سواء خسائر هذه الطفلة العراقية من أقاربها وممتلكاتهم، أو الخسائر من الاجزاء المستأصله من جسم محارب السرطان هذا.
فلنساعدهم بالتفكير على قدر ما نستطيع، ولنقول لهم، كم كان مقدار تورطكم في نشوب هذه الحرب التي تخوضونها، وإن أجابنا هذا الطفل محارب السرطان بأنه هو من أصاب نفسه بهذه الاورام السرطانية، فبالتأكيد أن نهايته ستكون تعيسة، لأنه أعطي الحرية في التصرف وأضر بنفسه والعكس صحيح.
أما طفلتنا العراقية فلو أخبرتنا بأنها تخوض حربا لا ناقة لها بها ولا جمل، وأن أرحم الراحمين هو من يراقبها بعينه اللطيفة التي لم تغفل ثانية عن أية خلية في جسدها، حتى أعادها إلى بيتها سالمة مسالمة (كما حدث في صورتها الاخيرة)، فبالتأكيد أن الزمان سيخبرها بانه مادام أنك تعيشين حربا من حولك ولكنك لم تشاركي فيها بدايتها ولم يترك لك الخيار لإنهائها فبالتأكيد (ياطفلتي العراقية، كل نهاية سعيدة).
نظرة للسماء: (یَـٰبُنَیَّ إِنَّهَاۤ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةࣲ مِّنۡ خَرۡدَلࣲ فَتَكُن فِی صَخۡرَةٍ أَوۡ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ أَوۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ یَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِیفٌ خَبِير)