كتاب أخبارنا

لِمّ 14 الف ريال ؟

‏نعم هذا المبلغ هو الفارق المادي الذي يحصل عليه أحد الموظفين الأجانب عند إنتدابه للعمل من دولته إلى المملكة العربية السعودية في أحد الشركات، إنه فارق ضخم عند العلم أن راتبه في دولتة لايتعدى 4 آلاف ريال.

‏450% هي مقدار الزيادة التي حصل عليها – من ضمن أكثر من 300 موظف – تم انتدابهم للعمل في المملكة، المفارقة هنا أنني عرضت عليه أن يتم إنتدابي للعمل في المقر الرئيسي للشركة ، لعلَّني أحصل على بعض المميزات كما حصل عليها غيري فأنا على أي حال سأصبح أجنبي هناك كما هم هنا ، لكنه فآجأني برده ضاحكاً : ماذا يريدون بك ؟ فلديهم من الشباب المحلي مايغطي إحتياجهم !!

‏هنا توقفتُ قليلاً ، قد يكون قال كلمته هذه وهو مبتسماً ولكن في الحقيقة لاشيء يدعو إلى الإبتسام هنا ! عند التفكير إقتصادياً في الأمر – وأنا لست إقتصادي – يتضح أن الشركات مستعدة لتحمل التكاليف العالية والمستمرة – حتى قبل فرض الرسوم – والتمسك بالموظف الأجنبي رغم أنه يكلفهم شهرياً وسنوياً أضعاف ما يكلفهم الموظف السعودي.

‏عند طرح هذه المعطيات على جهة محايدة أو شخص محايد ، سيتبادر إلى ذهنه أحدُ أمرين : إما أنه لايوجد لدى الموظف السعودي أي كفاءة تبرر اللجوء إلية والإكتفاء به ، أو أنه حتماً من يأتي من خارج الوطن يمتلك عقليةً فذة تجعل جميع مايُصرف إليه لايساوي شيئاً تجاه شخصٍ كهذا !

‏كما أخبرني أحد الزملاء أن إحدى الشركات الأجنبية العاملة في المملكة العربية السعودية قامت بكل فخر بالتكفل برسوم الوافدين للموظف وزوجته و إثنين من أبناءه فور الإعلان عن تلك الرسوم من قِبل الدولة، لا بأس في ذلك ، رغم أنه يخالف تماماً أهداف القرار ، ولكن مايهمني أن ذات الشركة رفضت بشكل مُهين مؤخراً طلب موظفيها القلائل السعوديين بشمولهم بالأمر الملكي الخاص ببدل غلاء المعيشة، فأنت بأي حال قد تكفلت بالرسوم الضخمة الخاصة بالوافدين فلن يضيرك أن تساوي السعوديين بـــــ – إخوتهم الأجانب -.

‏في حياتي العملية – لعملي في شركات أجنبية في وطني – دائماً ما اكون مجبراً على خوض نقاشات مع هذا وذاك من إخواننا الوافدين ، أكون مجبراً على الدفاع عن الموظف السعودي عند سماع البعض يتحدث بعبارات إستنقاصية وإقصائية عند الحديث عنه ! موجهاً إتهامات بلا أدلةٍ أبداً عن عدم جديتة ، أو كفائته ، أو حتى كيف أنه لا يصلح للعمل حتى كسائق بوكلين أو مشرف عمال !

‏دائماً ماتكون حُجتي في النقاش هي شركتين عالميتين في السعودية أرى أنها تُمثل الشاب السعودي خير تمثيل -أرامكو السعودية و سابك – شركتان لا يختلف اثنان على نجاحهما اقتصادياً و أخلاقياً ، فشركة أرامكو بمختلف إداراتها المالية والإدارية والتخطيطية وحتى التشغيلية تعمل بأيادي سعودية فخورة. ولا تتوانا في تعيين وتدريب وتعليم الشباب السعودي بلا أي ضغط أو دعم حكومي، لأنها حتماً وصلت لدرجة من الفهم والإدراك ما يؤكد لها أن الإستثمار في أبناء الوطن هو أنجح وأضمن إستثمار ممكن أن تخوض غماره أي شركة.

‏و أما شركة سابك، المعشوقة والفتاة الكبرى للمرحوم غازي القصيبي كما يُحب أن يسميها – رحمة الله – فالكثير من الشعب السعودي لا يعلم أن أضخم شركة بتروكيماويات قامت على أيدي أربعة شباب سعوديين فقط ، نعم مُجرد أربعة شباب لم تتجاوز أعمارهم الـخامسة والثلاثين عاماً ، وقد حرص رحمة الله ، بل وجعلها إستراجيته الأولى أن تكون المسئولية بأكملها في يد الشباب السعودي ، لا في أيدي خبراء أو إستشاريين أجانب ، وقد كان له ما أراد.

‏على مدى سنوات إستحدثت وزارة العمل السعودية عدة برامج لحل مشكلة البطالة على أيدي مستشارين وشركات إستشارية أجنبية ، وأصدقكم القول أنني لا أستطيع الآن إستذكارها جميعاً – لكثرتها فعلاً – ولكن منها على سبيل المثال لا الحصر :- طاقات، نطاقات ، تمهير ، حافز ، هيئة توليد الوظائف الخ … ، من الواضح أن هناك شيئاً كبيراً خاطئاً نقوم به ، بالطبع ليس بحجم ميزانيات تلك البرامج ولكنه أصبح جلياً للعيان أن مانقوم به الآن لا يعمل ، بل وأصبح يصيب الكثير منا بالتضجر تارة وعدم المبالاة تارةً أخرى.

‏تُعتبر ( إضاعة الوقت ) خطراً حقيقياً يُهدد أي مشروع ، و أقول لوزارة العمل لقد أضعتي الكثير من الوقت و استثمرتي المليارات لحل مشكلة هي فعلاً ليست بذلك التعقيد ، فلدينا من الوظائف ما يغطي احتياج الخليج العربي بأكمله ولكن من يشغلها هُم أجانب ، بقي فقط إحلال المواطن السعودي فيها ولو بقوة النظام، فلن يفلح الأمر مادام إختيارياً. وأنا لا أتحدث هُنا عن بائع جوال أو سائق أجرة أو بائع خضرة !

‏ما مضى لن يعود ، ومن بلغ الثلاثين ربيعاً بلا منزل أو وظيفة أو زواج أقول له لاتقلق ، سَنستحدث المزيد من البرامج، وسنستثمرُ ملياراً أو إثنين ، و سنصوت وندرس ونستنتج لماذا أنت عاطل والأجنبي في بلدك يعمل .

الكاتب :- إبراهيم آل سرار

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. احسنت بهذا المقال الجميل وهو الحقيقه والواقع اللذي نعيش به نحن يا موظفين القطاع الخاص ?

    استمر ي صديقي
    أ.ن

زر الذهاب إلى الأعلى