كتاب أخبارنا

غزو نجران .. و” القرص والجمر “!!

 

قرأت شخصيًا لبعض أبناء نجران، في فترات مختلفة، ومازلت كتبًا ومقالات وردود وبعض النتف هنا وهناك من الوثائق والتعليقات وحتى الخربشات في وسائل التواصل الإجتماعي حول غزو الإمام يحيى حميد الدين لنجران في العام ١٩٣٣م وحول موضوعات تاريخية أخرى كما قرأت أيضًا في المقابل لقلة من الباحثين السعوديين وغير السعوديين ممن تناولوا موضوع الغزو ذاته بطريقة أو بأخرى،ومع ايماني العميق أن هذا الموضوع يحتاج إلى مجلدات ولباحثين وكتاب ومؤرخين منصفين يتناولونه كما يجب إلا أنه يمكنني القول أنني قد توصلت “بكل تواضع” بعد كثير مِن القراءات إلى النتائج التالية :-

١- بعض الذين كتبوا من أبناء نجران عن تاريخ نجران أو بعضه وبخاصة الذين كتبوا عن تاريخ الأسر والأفراد وأدوارهم تجاه غزو نجران من قبل الإمام يحيى حميد الدين العام ١٩٣٣م ودخول نجران في وحدة المملكة العربية السعودية تناولوا الموضوع-للأسف-على طريقة”مافي هذا البلد إلا ذا الولد”واستخدموا الوثائق التي بحوزتهم والمراسلات التي تمت مع أطراف مختلفة في تلك الظروف الماضية البالغة التعقيد-لا بغرض القاء المزيد من الضوء وتبيان تاريخ نجران وأهله جميعهم دون استثناء،المشرف جدًا-بل بطريقة إنتقائية ومخلّه ومخاتلة بحيث يظهر في الأخير لكل متتبع فطن وعارفٍ بالحقائق التاريخية وببواطن الأمور أن الغرض ليس كتابة التاريخ بما له وماعليه كما ينبغى وإنما كان الغرض الكتابة على طريقة مثلنا الشعبي الشهير”كل يبغى يجر الجمر صوب قرصه”،وهذا لعمري خطأ فادح لو يعلمون عظيم لأن مسار التاريخ علمنا أن الحقيقة آتية لا محالة وستظهر ولو بعد حين،وستعرفها الأجيال بطريقة أو بأخرى وتحديدًا في هذا العصر المفتوح على مصراعيه.

٢- يجب أن يدرك الجميع وبخاصة الذين يتناولون موضوعات تاريخية على هذه الشاكلة حول نجران وأهله وتاريخهم أنه لايمكن أن يكتب عن الماضي بعقلية ورؤية وظروف الحاضر المزدهر الآمن المتقدم(أي كلام الفهاني!!) لأن هذا خلط كبير وتجنٍ على التاريخ والأسر والأفراد والجماعات الذي يلزم الكتابة عنهم وتحليل مواقفهم وذكر مالهم وما عليهم وعدم ظلمهم وفقًا لظروف عصرهم الموضوعية الذي عاشوا فيه وخياراتهم التي كانت متاحة أمامهم آنذاك للقيام بهذا التصرف أو ذاك ولترجيح هذا القرار أو ذاك.

٣- لابد أن ندرك ايضاً ونحن نتناول هكذا موضوعات تاريخية عن نجران وأهله وعن مجتمعنا السعودي بشكل عام أن اختلاف الظروف والمعطيات والقدرة على المناورة بين الأشخاص الذين انيطت بهم أدوار تاريخية محورية هي ما يجعل قراراتهم التي اتخذوها في حينها تبدو لنا(الآن)سلبية أو إيجابية مع أنها(القرارات)هي أقصى ماكان باستطاعتهم حينها أن يفعلوه..فالعيب في كثير من الأحيان كان في الظروف والمعطيات التي فرضت طبيعتها بحكم الأمر الواقع آنذاك وليس في الأشخاص دائما.

٤- علينا جميعًا ونحن نحاول أن نعيد قراءة تاريخ نجران الحديث أو قراءة جزء منه أن لا نكتفي برواية وحيده لتاريخنا وكأنها هي الحقيقة المطلقه ولاشيء سواها،بل يجب أن يستمر البحث والتقصي وجمع الروايات المكتوبة والشفهية والوثائق والمراسلات التي صدرت من أهل الثقه والأمانة والصدق ثم يعطى كل ذي حق حقه لأن تاريخنا المحلي والوطني والأقليمي الخليجي في معظمه يعتمد على الروايات الشفهية المتواترة ولم يكن التدوين خلال جريان الأحداث أمراً شائعا إلا نادراً وفي أضيق الحدود ولقلة من الناس.

٥- إننا ونحن نحاول طرق هذه الموضوعات التاريخية الشائكة لايجب أن نستنكف من ذكر وجهات النظر الأخرى وسماعها،فهي ايضا لديها قراءاتها التاريخية التي تعتقد صحتها،فالتاريخ له زوايامتعدده،ووجوه عده ولن تكتمل صورته إلا باكتشاف كل خبايا زواياه، وفي الأخير فإن الجميع في النهايه كمايقول مثلنا الشعبي”من جاد ابن عمّه مافسل”.

٦- يمكن القول أن أولئك العظماء جميعهم من الآباء والأجداد في نجران قد أدوا دورهم كل بما توفر له من ظروف موضوعية ومعطيات ولايجب أن ننسى ونحن نقرأ تاريخنا وتاريخ اجدادنا ومواقفهم الظروف المحيطة بهم والصراعات المختلفة التي كانوا في عمقها سواء منها المذهبية أو القبلية أو الإقليمية أو الدولية التي لاشك لعبت دوراً وتاثيراً على خياراتهم سواء كان ذلك بوعي منهم أو دون علمهم وهذا الأغلب ومع ذلك فقد أدوا دورهم بشجاعة وصلابة وعزم لايلين فلهم جميعا منّا دعوات برحمه ومغفره لاتنقطع أبدا.

٧- هذه نصيحة لوجه الله تعالى لا ابتغي من وراءها جزاءً ولا شكورا لبعض الذين يحاولون الكتابة عن تاريخ نجران وأهله الآن ومستقبلًا على طريقة (متعصبي أندية كرة القدم!!)من كل الأطراف والخلفيات والمستويات الإجتماعية والقبلية…أقول لهم :
تاريخنا ليس كرة قدم !!
ولكن إذا أصررت وتخيلت أنه كرة قدم !!
فلا تجيّر كل البطولات لناديك المفضل!!
ولا يمكنك أن تهضم حقوق الأندية الأخرى المنافسة!!
وتعصبك لناديك لا يخوّل لك أن تسيء إلى الأندية التاريخية الأخرى!!
كما أن تعصبك وكتاباتك عن ناديك المنحازة لايعني أنك تقول الحقيقة، فكلك عورات وللناس ألسن!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى