عبدالعزيز رحل… لكن إنسانية وطني ستبقى في قلبي ما حييت

الحمد لله على قضائه وقدره، وله الحكم من قبل ومن بعد.
ثم الشكر الصادق لوطني الغالي، المملكة العربية السعودية، الذي علّمني في أقسى لحظات حياتي أن الإنسانية ليست كلمات تُقال، بل مواقف تُصنع حين يكون الإنسان في أضعف حالاته.
أنا والد عبدالعزيز، طفلٍ لم يتجاوز عامه الثاني، ابتُلي بمرض السرطان في مرحلته الرابعة. معركة قاسية خضناها بالألم والدعاء، وكل ما كنا نرجوه أن يمنحنا الله فرصة جديدة للحياة.
من نجران بدأت رحلتنا إلى مستشفى الملك خالد، حيث وجدنا احتواءً كريمًا ورعاية طبية صادقة، ثم إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، الذي لم يدّخر جهدًا في علاج عبدالعزيز ومتابعته بكل دقة واهتمام، حتى أصبح الأطباء والعاملون هناك أقرب إلى أهلٍ يشاركوننا الوجع قبل الأمل.
وحين استدعت حالة عبدالعزيز علاجًا خارج المملكة، بدأت الجهات المختصة باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للسفر والعلاج في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية.
تم تجهيز كل ترتيبات السفر، واستُكملت الإجراءات الطبية، وكان التنسيق قائمًا بشكل كامل مع السفارة والقنصلية السعودية في أمريكا، التي تابعت الحالة معنا خطوة بخطوة، ووفّرت كل ما يلزم دون تأخير، في موقف إنساني لن يُنسى.
لكن إرادة الله كانت فوق كل شيء…
وقبل إتمام السفر، وبعد أن تهيأت كل السبل، فاضت روح عبدالعزيز إلى بارئها.
رحل عبدالعزيز، وترك في قلبي فراغًا لا يملؤه شيء، لكن ما سيبقى عزاءً لي ما حييت، أن وطني لم يتخلَّ عنا لحظة واحدة، ولم يقصّر في حق عبدالعزيز، بل أحاطه بالرعاية والاهتمام حتى آخر نفس.
شكرًا للمملكة قيادةً وحكومةً وشعبًا…
شكرًا لوزارة الصحة، ولمستشفى الملك خالد، ولمستشفى الملك فيصل التخصصي…
وشكرًا من القلب للسفارة والقنصلية السعودية، التي أدّت واجبها الإنساني كاملًا، وكانت معنا حتى النهاية.
رحمك الله يا عبدالعزيز، وجعل مثواك الجنة، وألهمنا الصبر والسلوان.
وسيظل ما عشناه شاهدًا على أن المملكة العربية السعودية وطن الإنسانية، ووطن لا يترك أبناءه أبدًا.


