غير مصنف

النوم القهري يسبب حوادث وكوارث

يشعر البعض بالنعاس أثناء النهار، ويكون مرد هذا الأمر في العادة أنهم لم يأخذوا كفايتهم من النوم ليلاً، إلا أن هناك آخرين ينتابهم شعور دائم بالنعاس أو النوم، ويكون من الصعب أن يقاوموا هذا الشعور، وهو بالنسبة لهم ليس حادثاً عارضا، وتسمى هذه الحالة بمرض الناركولبسي أو النوم القهري. وتأتي تسمية المرض بالنوم القهري من أن المريض لا يستطيع التحكم في نوبات النوم القهرية التي تصيبه في أي وقت أو مكان.
ويعد مرض النوم القهري من الأمراض العضوية وليس مرضاً نفسياً، وليس له أي تأثيرات عضوية، كما أنه لا يؤثر بشكل مباشر في حياة المصاب به.
يظهر هذا المرض بشكل أكبر في مرحلة الشباب، وإن كان لا يرتبط بمرحلة عمرية معينة، فأي شخص يكون معرضاً للإصابة بهذه المشكلة.

ونتناول في هذا الموضوع النوم القهري بالتفصيل، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى حدوث هذه المشكلة، ونقدم طرق وأساليب الوقاية والعلاج.

اضطراب في المخ

يعتبر مرض النوم القهري مرضاً عصبياً يحدث نتيجة اضطراب في المخ، وبسبب هذا الاضطراب يتعرض المصاب إلى نوبات من النوم القهري أثناء النهار يصعب عليه مقاومتها، وذلك بسبب خلل في مركز التحكم باليقظة والنوم.
ويحدث بالتالي خلل في دورات النوم، وأحد أسباب حدوث هذا الخلل نقص إحدى المواد الكيميائية، كما يمكن أن يكون للعامل الوراثي دور في الإصابة به.
وتتعدد الأعراض التي تصيب مريض النوم القهري، والتي تظهر نتيجة المواقف الانفعالية مثل الغضب الشديد أو البهجة الشديدة، ويمكن أن يفقد المريض وعيه ويسقط على الأرض، وفي العادة فإن مثل هذه الأعراض تستمر عدة دقائق.

غياب التشخيص

تعتبر أبرز المشاكل التي يعاني منها مريض النوم القهري غياب التشخيص، حيث يعاني المريض كثيرا، ويجد صعوبة في فهم ما يحدث له، وكذلك الدوائر القريبة منه مثل الأسرة والمدرسين والأصدقاء.
ويظن الناس أن المريض شخص كسلان وخامل، وهو ما يؤثر بالسلب على الحالة النفسية لمصاب النوم القهري، وبالتالي تقل ثقته في نفسه، ويتعرض للكثير من المشاكل في الدراسة أو محيط العمل.
وعامة فإن مرض النوم القهري لا يؤثر في القدرات العقلية أو الذكاء للشخص المريض، وإنما يتأثر في قدرات التحصيل الدراسي، بسبب النوم الزائد ونقص الثقة بالنفس.
ويجب التعرف على المرض بشكل سريع والحصول على العلاج الممكن، مع شرح الحالة للمدرسين في المدرسة، أو الزملاء في العمل حتى يفهموا حقيقة المرض، ويساهموا في مساعدة المريض.

نقص مواد كيميائية

يعتبر مرض النوم القهري أحد الأمراض المزمنة التي تصيب الجهاز العصبي، ولا يزال السبب الرئيسي وراء الإصابة به مجهولا حتى الآن.
وتلعب عدد من العوامل التي تتفاعل مع بعضها دوراً في خلل الأعصاب الذي يكون وراء الإصابة به، ويشير بعض الأطباء إلى أن مصابي النوم القهري يعانون نقصاً في إنتاج بعض المواد الكيميائية تسمى الأوركسين والهيبوكرتين، وتعمل المادة الأولى على تحفيز اليقظة عند الإنسان، في حين أن المادة الثانية تنظم دورة النوم. ويمكن أن تلعب العوامل الوراثية دوراً في الإصابة بهذا المرض، حيث تتحكم بعض الجينات في إنتاج المواد الكيميائية المسؤولة عن نوم الإنسان، وتتأثر عملية النوم بأي خلل يصيب هذه الجينات.

تشوهات في الدماغ

واكتشف عدد من الباحثين وجود بعض التشوهات في أجزاء مختلفة من الدماغ، وهو ما يؤدي إلى حدوث اضطرابات في النوم.
ويمكن أن تؤدي بعض الأسباب الأخرى إلى أن الشعور بالنعاس، غير أنها ليست مرتبطة بمرض النوم القهري، مثل الإصابة بداء النوم الذي تتسبب فيه ذبابة تسي تسي، حيث يفقد المصاب بهذا المرض سيطرته على نفسه، وبالتالي يستغرق في النوم العميق بأوقات مختلفة.
ويمكن أن يتسبب التعب والإجهاد وعدم كفاية النوم ليلاً إلى الإصابة بالنعاس، وإن كانت هذه الحالة تعتبر حالة عارضة، وتنتهي بانتهاء السبب وراءها.
ويمكن أن تؤدي بعض الأمراض المزمنة إلى الإصابة بالنوم القهري، مثل أمراض الكبد والقلب، وكذلك يؤدي سوء التغذية ونقص فيتامين «د» للإصابة بهذا المرض، ويمكن أن يكون وراء الإصابة بعض أمراض الأعصاب، أو بعض الأسباب النفسية مثل الضغط النفسي أو القلق والتوتر.

نوبات النعاس

يشير العلماء والأخصائيون إلى أن هناك 4 أعراض تظهر على مريض النوم القهري، وهي بمثابة الأعراض الرئيسية لهذا المرض، وأول هذه الأعراض زيادة النعاس أثناء النهار، حيث لا يستطيع المريض أن يقاوم نوبات النعاس التي تصيبه أثناء النهار، حتى وإن كان المريض يحصل على كفايته من النوم ليلا.
وتحدث هذه النوبات في أي وقت ودون إنذار مسبق، وربما تحدث النوبة أثناء قيادة السيارة أو في أعمال تحتاج التركيز، وهو ما يؤدي إلى نتائج سيئة.
ويمكن أن يستمر النوم من لحظات وحتى أكثر من ساعة، ويشعر المريض عقب هذه الفترة بالنشاط، ويعتبر هذا العرض هو الأكثر انتشاراً، ويصيب جميع مرضى النوم القهري.

الشلل المفاجئ

يحدث شلل أو ضعف في كل أو بعض عضلات الجسم، وهو العرض الثاني الذي يسمى بالشلل المفاجىء أثناء اليقظة، ويكون هذا الشلل على هيئة ضعف يصيب عضلات العنق أو عضلات الفك السفلي أو عضلات الذراعين، أو عضلات التحدث، وهو ما يؤثر على حديث المصاب، فيجعل كلامه غير مفهوم.
ويمكن أن يصيب المريض في بعض الحالات شلل كامل، فيسقط المريض على الأرض، ويظهر وكأنه أغمي عليه، غير أنه يكون في كامل الوعي. ويستمر في العادة هذا الضعف من لحظات قليلة، وحتى دقائق في بعض الحالات، وتبدأ نوبات الشلل أو الضعف عادة في المواقف العاطفية التي ينفعل فيها المريض بشكل مفاجىء، مثل الضحك أو السرور أو الغضب.

شلل النوم والهلوسة

ويمكن أن يتعرض مريض النوم القهري لما يسمى بشلل النوم، وهو العرض الثالث، حيث يفقد القدرة على تحريك الجسم أو أحد الأعضاء في بداية النوم، أو عند الاستيقاظ.
ويستمر هذا العرض من ثوان وحتى عدة دقائق، ويحاول المريض خلال هذه المدة طلب النجدة أو البكاء، لكن دون جدوى، ويختفي هذا العرض بمرور الوقت، أو بمجرد أن يلامس أحد المريض، أو عند حدوث ضجيج.
ويصاب المريض بالعرض الرابع، هلوسة ما قبل النوم، وهي أحلام تشبه الحقيقة، وتحدث عند بداية النوم، ويصعب أحيانا أن يفرقها عن الواقع، وتوصف بالهلوسة.
وتكون في بعض الأحيان مخيفة، وتحدث هذه الأحلام في بداية النوم، وهو ما يميزها في العادة، في حين أن الأحلام تبدأ مع الشخص الطبيعي بعد بداية النوم بحوالي الساعة أو الساعة والنصف. ويمكن أن يعاني المريض النوم المتقطع خلال الليل، بالرغم من زيادة النعاس في النهار، ولا يعرف السبب وراء هذه الحالة.
ويمكن أن تحدث نوبة النوم أثناء قيام المريض بعدد من الأعمال الروتينية، فيستمر في هذه الأعمال دون وعي منه، ولا يتذكر بعد استيقاظه أي شيء من هذه الأعمال، وربما تمثل هذه الظاهرة أمراً خطيراً، بسبب حاجة العمل للتركيز، مثل قيادة السيارة.

أساليب تشخيصية

يتم في العادة تشخيص مريض النوم القهري باستعراض الطبيب للأعراض، ثم يقوم بتشخيص شدة الاضطراب باستخدام عدد من الأساليب، فيحصل من المريض على تفاصيل إصابته بالأعراض، ويطلب منه كتابة مذكرات مفصلة لنمط النوم مدة لا تقل عن أسبوع، أو يطلب منه ارتداء أداة تشبه ساعة اليد مهمتها تسجيل معلومات عن نوم الشخص الذي يرتديها.
ويمكن أن يقوم الطبيب باختبار قياس النشاط الكهربي للدماغ والقلب وحركات العضلات والعينين، ويقوم أيضا بمراقبة التنفس، ويتم هذا الفحص بوضع أقطاب كهربائية على فروة الرأس قبل أن يخلد المريض للنوم

سلوكي ودوائي

يهدف علاج مرض النوم القهري إلى السيطرة على الأعراض، وذلك أنه لا يتوافر علاج شاف من المرض حتى الآن، وينقسم العلاج إلى علاج سلوكي، ودوائي.
ويتكون العلاج الســـلوكي من تنظيم مواعـــيد النوم والاســتيقاظ، وكذلك تنظيم الحياة بشكل عام، ويعــتبر هذا الأمر أساسيا فـــي العلاج، ويلـــي ذلك الغفوات الاستراتيجية، والتـــي تعـــني غفوات قصــيرة تتــراوح ما بين 10 دقـــائق إلـــى 15 دقيقة، وذلك عــند الإحساس بالنعاس الشــديد.
وتستخدم الأدوية المنبهة، ومن أهمها مشتقات الفيتامين، وحديثا توافر عقار جديد يسمى مودافينيل، ويحتاج المريض عند استخدامه هذه الأدوية للمتابعة الدقيقة من الطبيب المختص.
ويمكن استخدام مضادات الاكتئاب لعلاج شلل النوم والشلل المفاجىء وهلوسة ما قبل النوم، حيث تقلل من مرحلة النوم، وبالتالي تخفف من الأعراض السابقة.

البداية مع المراهقة

تشير الدراسات والأبحاث إلى أن مرض النوم القهري، يصيب كلا الجنسين، وتظهر أعراضه في الغالب بداية من سن المراهقة، ويشير بعض الأخصائيين إلى أن الأعراض تظهر في أغلب الحالات بين سن 7 سنوات و25 سنة.
وكان أول وصف موثق للمرض في عام 1880، وتشير الإحصائيات إلى أن المرض يصاب به من 27 إلى 195 شخصاً في كل 100 ألف شخص. ويؤدي غياب التشخيص الصحيح للمرض، إلى أن المرضى يعانون الأعراض مدة طويلة، يمكن أن تصل في بعض الحالات إلى ما بين 8 و10 سنوات، قبل الحصول على العلاج المناسب.
وينصح باستشارة الطبيب على وجه السرعة، عند ظهور أعراض المرض؛ لأنه يؤثر على المريض نفسياً واجتماعياً، ويعوق وظائفه الإدراكية.
ويمكن أن يؤدي لمضاعفات بسبب الإصابة بالأذى الجسدي، وعلى سبيل المثال الإصابة بالجروح أو الحروق، بسبب نوبات النعاس أثناء إعداد الطعام، وكذلك الحوادث خلال عملية القيادة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى