الحرب … وإدارة الأزمة محليا

الأزمة crisis هي أي تهديد خطر مفاجئ لأهداف وقيم وممتلكات الأفراد أو الجماعة، يُحد من عملية اتخاذ القرار، ويؤدي إلى الاضطراب والخلل في كثير من المسارات، وفقدان التوازن العام سواء على مستوى الفرد او المنظمة أو الدولة، ويتطلب التدخل الفوري واستخدام أساليب إدارية مبتكرة وعاجلة Urgent & Innovative Administrative Techniques .
ومن هنا ظهر علم إدارة الأزمات Crisis Management، وهو علم حديث مستقل يقوم على أسس ومبادي محددة، يعمل على مواجه الأزمة وإدارتها، والتنبؤ بنتائجها ووضع الخطط والحلول للتغلب على أثارهه، ويتطلب ذلك مهارات إدارية عالية وقدرات فكرية وتصوّرية واسعة.
والحرب التي يخوضها جنودنا البواسل للدفاع عن حدودنا وما تواجهه دولتنا من مؤامرات وما تتعرض له مدننا الحدودية من تهديدات، أدى إلى خلل في بعض الخدمات العامة … لهو الأزمة بعينها.
وبفضل من الله تعالى ثم بحكمة قيادتها نجحنا في إدارة هذه الأزمة على المستوى السياسي والعسكري، وبإذن الله سيوازي ذلك نجاحا محليا لإدارة الأزمة على المستوى الداخلي للمناطق الحدودية، يبحث فيما خلفته هذه الأزمة من نتائج سلبية على أحوال المواطنين وإحتياجاتهم الحياتية والإقتصادية والإجتماعية والتعليمية، ويرفع بتلك الإحتياجات للوزارات المعنية كل وزارة فيما يخصها.
ومما لا شك فيه أن هذه الحرب قد فُرضت علينا ولم تكن خيارنا، ونظرا لوقوع منطقة نجران وشقيقاتها مناطق الحد الجنوبي الأخرى على خط التماس والمواجهة مع العدو، فقد تعرضت لخسائر متنوعة وخلل في كثير من المجالات، ومع ذلك كانت جميعها صفا ثابتا بعد قواتنا المسلحة، وسدا منيعا، ودرعا ضافيا لمملكتنا الغالية، إلا أن منطقة نجران جاءت في مقدمة مناطق الحد الجنوبي الأكثر تضررا في هذه الحرب.
وفي الحقيقة فإننا لا ننكر بأي حال من الأحوال ما تقوم به جميع قطاعات الدولة، وعلى رأسها إمارة المنطقة بقيادة سمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز، بتوجيهات كريمة من القيادة العليا في سبيل تخفيف آثار الأزمة على المنطقة وسكانها، إلا إننا نطمح بوجود استراتيجية محلية تكاملية على مستوى المنطقة للتعامل مع ماخلفته هذه الأزمة من آثار، وما سببته من شلل في بعض الخدمات الحيوية في المنطقة في مجالات التعليم والصحة والمواصلات والاقتصاد وغيرها، تتشارك فيها جميع الدوائر الحكومية والأهلية في المنطقة ويكلف بإدارتها ومتابعة تنفيذها فريق إداري مؤهل، يكون في صورة إجتماع دائم طيلة الأزمة وما بعد الأزمة لحين إنتهاء آثارها، يُشكل من كافة القطاعات ويكون موازيا للجنة الأمنية في المنطقة، ومرتبط بشكل مباشر بسمو الأمير حفظه الله الذي لا يلي جهدا في تسهيل كل ما يخدم المنطقة والمواطنيين.
ومن واقع ما نلمسه من حرص الأمير جلوي على كل ما يخدم منطقة نجران، ودعمه لكل فكره تصب في مصلحة المواطنين، فإننا نطمح في توجيهه الكريم بتشكيل وحدة إدارية طارئة لتشخيص الأزمة محليا ومعالجة آثارها السلبية على المنطقة وسكانها، وتوجيهها بحصر مشكلات المنطقةالقائمة، ومنحها صلاحيات كافية للتواصل المباشر مع وكلاء الوزارات المعنية، لوضع الحلول المناسبة والعاجلة للمعوقات التي يواجهها المواطنين والمقيمين وتواجهها المنطقة جراء هذه الحرب.